ستجدها
دائما متمترسة خلف الانجاز، هي ذاتها التي تجيد استحداث الحل من قلب
المشكلة، المرأة الفلسطينية التي طالما كانت على موعد مع التغيير، تصارع
هذه المرة للبقاء، وتمسك بزمام المبادرة من جديد.
دفعت
الظروف الاقتصادية والاجتماعية المرأة الفلسطينية إلى سوق العمل رغما
عنها، في مساهمة منها لإعالة أسرتها، وارتفعت أعداد المعيلات وارتفعت أعداد
الأسر المعتمدة كليا على المرأة في إعالتها، إلا أنهن في ذات الوقت سجلن
نماذج نجاح في إمكانية تحملهن المسئولية رغم العبء الكبير على كاهلهن من
خلال ممارسة أعمال بسيطة ونسوية بامتياز مثل التطريز والخياطة التي تميزت
بها المرأة الفلسطينية منذ القدم.
موهبة وخبرة
بعد
سن الأربعين وجدت بشرى أبو عبادي نفسها لازالت قادرة على العطاء، تتحمل
مسؤولية أسرة كاملة، تقف بمواجهه ظروفها بكل قوة وإصرار، تركت مقعد المتفرج
لتكون في مكان الفاعل اختارت لنفسها طريقا ورسمت بالخيط والإبرة أسلوبا
جديدا لحياة أسرتها، بسبعة أبناء وزوج كبير في السن أمست أم أحمد المعيل
الوحيد للأسرة تقريبا.
تروي
أم أحمد إحدى حكايات الكفاح الحقيقية فتقول: تعلمت من والدتي فنون التطريز
على القماش، وكنت أشاركها تطريز أثوابها المتعددة للمناسبات، وتعلمت منها
أنواع الأثواب وخصوصية كل مدينة أو قرية وما تلبسه المرأة فيها، وان هناك
ألوانا معينة لمناسبات محددة وان هناك تفصيلات مختلفة لمدن الساحل عن تلك
التي تستخدمها النساء من سكان الجبل، وبقيت هذه الحرفة كهواية لا أممارسها
إلا أوقات الفراغ، إلى أن أحوجتني الظروف وعائلتي لما هوا أصعب، فنحن لا
نملك بيتا ونسكن بالإيجار الشهري لغرفتين صغيرتين و أولادي الكبار فقدوا
أعمالهم بسبب الظروف التي يعيشها سكان القطاع حيث زادت البطالة وزوجي كبير
في السن ويعاني من إصابة قديمة ولا يستطيع العمل، ولان الحصار أنهكنا
وأغلق كل الأبواب في وجوهنا، لم يكن أمامي إلا استحضار ما لدي من قدرات
وبدأت أفكر في استخدام مهارتي في التطريز والخياطة كعمل يدر علي دخلا ولو
بسيطا، كان همي الوحيد كيف يمكن استغلال هذا العمل كمصدر للعيش دون أن اضطر
لترك منزلي، جمعت ما تمكنت منه واشتريت قطعا من القماش وبعض الخيوط
الحريرية اللازمة وبدأت العمل.
تتابع
أم أحمد حديثها قائلة: بعت أول الأثواب المطرزة لجارتي وهي من عرفتني على
مزيد من الزبائن ودارت عجلة العمل إلى أن أصبحت أنجز مطرزات من كافة
الأشكال، من الأثواب إلى المحافظ و حقيبة اليد إلى حافظة الجوال
والميداليات، وكنت أتطور وأواكب أي طلب جديد لزبائني للوصول إلى ما يرضون
عنه.
فخورة بعملي
تصل
الليل بالنهار لتستمر رحلة إبرتها داخل القماش ناقلة الخيوط راسمة لوحة
تعكس ما تعانيه أم أحمد ليظهر جمال ما تصنع يديها، وتضيف: برغم من الإرهاق
الذي بدأت اشعر به بسب العمل لساعات طويلة، وما يتطلبه عملي من تركيز
وانتباه شديدين، إلا أنني اشبع بالعمل رغبتي وهوايتي وأساعد أسرتي على
العيش بكرامة في ظل هذه الظروف الصعبة، اعمل وأنا راضية عن نفسي بل فخورة
بما افعل فانا لا زلت استطيع العمل والتميز من خلال الشهرة التي اكتسبتها
بسبب جودة ما أنجزه.
تنتظر
قريبا ولادة أول أحفادها، فتقول: سيكون أحفادي فخورين بجدتهم لما تصنعه،
برغم بساطة المهنة وسأكون دائما عند حسن ظنهم كما كنت في نظر أبائهم، فانا
اليوم أحاول تطوير نفسي وتعلم مهارات جديدة وأفكر في شراء ماكينة التطريز
الكهربائية لاختصار الوقت و انجاز اكبر قدر من المنتجات فمصاريف العائلة
تتضاعف يوما بعد الآخر.
أم
أحمد تشترك في هموم حرفتها مع الأخريات حيث ارتفاع أسعار خيوط الحرير
ولوازم للتطريز الغير متوفرة في كل الأحوال، وجلبها عبر الأنفاق يعني إغفال
الاهتمام بالخامات الجيدة، وحول هذا تقول: أواجه بعض الصعوبات في الحصول
على خامات جيدة لأعمالي، ويطلب مني في بعض الأحيان منتجات فاخرة كهدايا
لأناس يقيمون بالخارج فأعاني من شراء خيوط جيدة لذلك، وأرسل أبنائي للبحث
في السوق عن مواصفات معينة أحاول الحفاظ بها على مستوى منتجاتي وصولا
لإرضاء الزبائن.
البس مما اصنع
في
وسط غزة متجر لبيع المطرزات ملك للسيدة أحلام لبد، تسعد بعملها ويكفيها أن
تلبس مما تصنع، بدأت العمل بعد وفاة زوجها، كانت ظروفها صعبه إلى أن
اختارت العودة مجددا إلى قلب المجتمع عبر العمل، استغلت موهبتها في الخياطة
وتعلمت فن التطريز بإحدى الجمعيات النسوية.
منذ
أكثر من عشرين عاما، تقضي أحلام الوقت بين أثوابها ومطرزاتها محاولة
الوصول إلى إرضاء زبائنها، دفعتها الحاجة إلى المحاولة وكان النجاح
بانتظارها لتشكل نموذجا آخرا لنجاح المرأة في مجال العمل الحر.
تقول
أحلام: توفي زوجي الذي كان يعمل سائقا اثر حادث سير، وعندي ثلاثة من
الأطفال يحتاجون لتربية ورعاية، لم ارغب بالزواج بعدها وكان علي تحمل
مسئولية البيت كاملة والقيام بدور الأم والأب معا، كان العمل هو بوابتي
لإعالة أسرتي خيرا من انتظار المساعدات وسؤال الناس، كانت لدي موهبة في
الخياطة فخضعت لدورة لتعليم التطريز في إحدى الجمعيات، أحببت المهنة وبرعت
فيها واتخذتها عملا لي.
خلال
سنوات تاريخها المهني برعت أحلام في أعمال التطريز التقليدية المستخدمة
بكثرة في الأثواب التراثية الفلسطينية ، إلا أنها سعت إلى تطوير ذاتها بمزج
بسيط بين أفكار أدخلتها بعناية على الأثواب وبين استخدامات جديدة لذات
الألوان على الجلباب المستخدم بكثرة لدى النساء في غزة، وينصب اهتمامها على
اختيار الأقمشة الجيدة والمناسبة لمواسم معينه، وتحاول التميز في نقلات
التطريز والدمج بين الألوان.
بضاعتي تسافر
حول
رحلتها تقول أحلام: بدأت بداية بسيطة وكنت ادخر مما أبيعه لأطور من عملي ،
واستعنت بعدد من صديقاتي وكنت أوزع الأعمال بينهن في تطريز أجزاء من
الأثواب وخياطة أجزاء أخرى، إلى أن تمكنت قبل سنتين من افتتاح معرضي الخاص
والذي اعرض فيه جميع أعمالي التي تنوعت من الأثواب إلى حقائب اليد وحتى
التطريز على الأحذية.
وتضيف
أحلام مبتسمة: بضاعتي تسافر في حين لا استطيع أنا السفر، فهناك الكثير مما
أنجزته كان على شكل هدايا لأشخاص مقيمين بالخارج، وكانت الأدوات المنزلية
المطرز عليها أو حتى الوسائد والبراويز والساعات كلها أنجزها ويشتريها
زبائن بعضهم من الأجانب المتواجدين بغزة حيث إقبالهم اكبر من الإقبال
المحلي، ربما لاعتبارهم أن ما أقوم به هو جديد عليهم ويحبون اقتناءه ، كل
هذا بسبب الحصار الذي يضيق على الناس ويقلص من قدرتهم الشرائية، لان سعر
الأثواب المطرزة يدويا مرتفع نسبيا عن الأثواب المطرزة بالماكينة، ولهذا
يكون الإقبال اقل؟
وكان
لعمل أحلام من اسمها نصيب، حيث تحولت بعض هذه الأحلام إلى نجاحات تلمسها
وتأمل في بزيادة رصيدها ، فقد تمكنت أحلام تحمل أعباء أسرتها وتربية
أطفالها إلى أن اجتاز ثلاثتهم المرحلة الثانوية ويدرسون الآن في الجامعة
ويعتزون بتلك المرأة التي وقفت خلفهم إلى أن وصلوا إلى هذه المرحلة،
ويحلمون لامهم بإقامة معرض لها خارج غزة لعرض كل منتجاتها، ليتمكن عدد اكبر
الاطلاع على ما يمكن أن تنجزه امرأة فلسطينية تحدت كل الظروف وامتلكت
دائما ما تعبر عنه بالقماش والخيوط الملونة.
|
بحث هذه المدونة الإلكترونية
Ads 468x60px
آخر التعليقات
Featured Posts
01/12/2011
رحلة الخيط والإبرة حين ترسم المرأة نجاحها على القماش ..بالصور والتفاصيل
أرشيف المدونة
-
▼
2011
(76)
-
▼
ديسمبر
(58)
-
▼
ديسمبر 01
(12)
- قصة ظهور سيف الإسلام
- انتقادات شديدة لفنانة تونسيه لظهورها شبه عارية على...
- نوكيا جيم هاتف جديد من نوكيا يعمل بأكمله ب...
- 2013 سيارة فيراري ميلينيو
- أغلى شاي بالعالم مصنوع من فضلات الباندا
- أروع صــور الأيـس كـــريــــم
- شقاوة أطفال
- رحلة الخيط والإبرة حين ترسم المرأة نجاحها على ا...
- فضائح المجندات المصريات في اسرائيل ( صور )
- الاحتلال الإسرائيلي تتواصل: اعتقال طفل وضربه من دو...
- المانيا: سجين فار يعود للسجن بسبب البرد
- شارع باسم كاسياس!
-
▼
ديسمبر 01
(12)
-
▼
ديسمبر
(58)
من أنا

- P@Le$t!nE
- فلسطين, Palestine
- هنآ آبدأ مدونــه قَلميْ بُكَل مآ يَدُوِرْ فيْ خآإافقي ..} هنآ سَوٍف آكـَتب مآبدآ ليِّ دوٍن قيِّوٍد.......... {هنآ سَوٍف آطرٍح آفكـَآرٍيِّ وٍآرٍآئيِّ دوٍن خوٍف ......} هنآ سَوٍف آظهرٍ مشّآعرٍيِّ دوٍن خ ـجـل ..{بمتـصفـ ح ـيِّ آلـ خ ـآص وً متنفسَيِّ........} فآهلــاً بكـَ م* ع ــنديِّ ..{منْ هُنآ سَوف يَُنطُُلق قَلميِ.}..
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
المشاركات الشائعة
-
بكتب اسمك يابلادى على الشمس الما تغيب لامالى ولا أولادى على حبك ما فى حبيب *** يا دار الأوفى دار تلبق لك الأشعار تبقى على الدايم مضويه ومزر...
-
جورج وسوف 2011 - بيحسدوني 2011 - تحميل اغنية بيحسدوني - تحميل اغنية جورج وسوف بيحسدوني - بيحسدوني mp3 - كلمات اغنية بيحسدوني - بيحسدوني لم...